سنوات السينما | الشرق الأوسط
سينما و مسرح

سنوات السينما | الشرق الأوسط

– Autumn Sonata
– برغمن + برغمن
كان «سوناتا الخريف» (1978) ثاني فيلم ينجزه المخرج السويدي إنغمار برغمن خارج بلاده التي رفعت عليه، قبل سنوات قليلة، تهمة التهرّب من الضرائب. الفيلم الأول أنجزه قبل عام واحد بعنوان The Serpent‪›‬s Egg ولم يُستقبل بالحفاوة المعتادة من قِبل نقاد ذلك الحين. هذا الفيلم الثاني تفاوتت الآراء من حوله أيضاً وبدا مثل ابن يبحث عن أبيه. هو من إخراج السويدي برغمن، تم تصويره في النرويج. شركة الإنتاج ألمانية والتمويل بريطاني. ‬
هذا مثير للاهتمام لأن بعض البحث الذي تقوم به بطلتا الفيلم أنغريد برغمن وليف أولمن يتعلّق فعلاً بالنبش عن الهوية. هوية عاطفية وعائلية بين أم وابنتها. هو فيلم مواجهة بين امرأتين كما إحدى عادات المخرج في بعض أفلامه: أولمن وبيبي أندرسن في «برسونا» وأولمن وأنغريد ثولِن في «صرخات وهمسات» وأولمن وكرستينا أدولفسون في «وجهاً لوجه» من بين أخرى.
في هذا الفيلم تدعو إيفا (أولمن) والدتها الأميركية شارلوت (برغمن) لزيارتها في موطنها وهذه تصل والاثنتان تتواجهان في حوار طويل ومتعدد المشاهد. كل منهما خسرت شخصاً تحبّه.
إيفا خسرت ابنتها الصغيرة في حادثة غرق والأم خسرت عشيقها الموسيقار.
لكن هذه الخسارة لا تجمعهما أو توحّد بين مشاعرهما سريعاً. كل منهما تبدو كما لو أنها استعادة لقاء مع ذكريات بعيدة. الفتور، لمعظم الوقت، تسود كذلك المواجهات بين وجهات نظر متباينة. إيفا لديها شقيقة تعاني من التشنج تسكن في غرفة علوية في ذلك المنزل المنعزل. هذا يُثير غضب الأم لحين، ويفتح حواراً بينها وبين إيفا التي عليها أن تدافع عن نفسها. في الصميم ما هو أكثر من مجرد تباين وجهات نظر. هناك اكتشاف متأخر لأين ومتى حدث ذلك الشقاق بين الأم وابنتها.
إنه عالم المخرج برغمن المعهود، حيث النص القائم على الحوار ومراقبة تفاصيل الوجه والحركات البدنية الصغيرة يؤلّف عناصر المشهد الفنية. لكن النص هنا يبدأ حادّاً ثم يتحوّل إلى حوار فاتر. مشكلة الابنة الأخرى التي أثارت الأم في البداية تصبح وسيلة احتجاج قبل أن تغيب القضية إلى الأبد. وفي حين أن إيفا لديها الكثير مما تريد وتستطيع طرحه كونها عاشت تجربة التحول من امرأة طموحة إلى مجرد كيان، فإن الأم شارلوت لا تملك الكثير، ما يوازي حجم ما تواجهه. في النهاية هو حوار بعضه كاشف وبليغ، لكن معظمه يمر بفتور ولا ينجز حدة الصراع كما كان متوقعاً.
لا يعني ذلك خلو الفيلم من مشاهد مهمّة وناجحة، مثل ذاك الذي تعزف إيفا مقطوعة لشوبان. نستطيع أن نرى تأثر أمها بما تسمعه. حين تنتهي ابنتها تهنئها لكنها تفسد التهنئة بموعظة.
ما بين أولمن وأنغريد برغمن منافسة في الأداء تفيد الفيلم. الأولى تملك وجها عارياً من الانفعالات يبقى في البال طويلاً وتزيد من قيمته أن المخفي في صدرها عكس ما يبدو على الوجه.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *