فن و مشاهير

“العين الإخبارية” تكشف سر نجاح الدراما الكورية.. إبداع وجرأة ووسامة


من نافذة ضيقة، استطاع صناع الدراما الكورية العبور بها إلى كل شعوب العالم، في ظاهرة لافتة أثارت اهتمام الكثيرين.

وأرجع عدد من المتخصصين انتشار الدراما الكورية وسطوع نجمها في السنوات الأخيرة، إلى ما سمي بـ”الموجة الكورية” والتي شملت كل روافد الإبداع “تمثيل وغناء واستعراض”.

وبفضل التجارب الدرامية الناجحة، زاد عدد السائحين في كوريا الجنوبية، كما تزايد إقبال الأجانب على إجراء عمليات التجميل هناك، إذ طرق أبوابها الرجال والنساء، أملا في التشبه بنجوم الدراما الكورية، الذين يمتلكون قدرا كبيرا من الحضور والوسامة.

ويتنوع محتوى الدراما في كوريا الجنوبية، فمنها التاريخي الذي تمتد حلقاته إلى 100 حلقة، وهناك الأعمال الرومانسية والمعاصرة التي تتناول العلاقات العائلية ويتراوح عدد حلقاتها ما بين 30 إلى 40 حلقة.

كما تتميز الدراما الكورية، بالجرأة والتركيز على قضايا محلية، وتقديم البطل دائما في ثوب الرجل المثالي، وهو ما ساهم في تغيير نظرة العالم للرجل الآسيوي بشكل عام.

ولفتت الناقدة المصرية ضحى الورداني إلى أن بداية انتشار الدراما الكورية تعود إلى عامي 2011 و2012، بسبب “الموجة الكورية” عندما قرر المبدعون الكوريون استخدام الفن في التسويق لوطنهم، ولذا رأينا مسلسلا مهما يحمل اسم “أغاني الشتاء”.

وأضافت الورداني في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن هذا المسلسل تسبب في حدوث شبه صلح بين شعبي اليابان وكوريا الجنوبية، حيث تابعه الجمهور الياباني بشغف شديد بسبب الأماكن الجميلة التي تم التصوير فيها، وهو ما أدى إلى زيادة عدد السياح اليابانيين إلى كوريا الجنوبية لرؤيتها والاستمتاع بها.

وتابعت الورداني: “في هذه التوقيت ظهرت مسلسلات تتناول التاريخ الكوري القديم مثل مسلسل “جوهرة القصر” الذي تناول عادات وتقاليد الكوريين، ومن خلاله تعرف المشاهدون على الزي الكوري التقليدي “هانبوك” وهو رداء قديم يرجع إلى الممالك الكورية، إلى جانب عادات تناول الطعام.

وأوضحت الورداني أن لكل وجبة كورية طقسا وشكلا خاصا، فعلى سبيل المثال عدد أطباق المقبلات في الوجبة يصل إلى 12 طبقا غير الطبق الرئيسي، وكل هذه الأشياء ظهرت في المسلسل، ولذا سيطر الفضول على الجماهير في كل مكان لمعرفة الكثير عن هذا البلد”.

وأضافت: “بذكاء شديد تم الترويج للأماكن التراثية، ولغة الحوار الذي ينتهي دائما بكلمة “سيدي” ومع ارتفاع نسب المشاهدة، حرص المنتجون الكوريون على عرض مسلسلاتهم في بلدان آسيا وكانت البداية من اليابان والصين، ثم الفلبين، وتايوان”.

وأوضحت الناقدة المصرية أنه بالتدريج انتقلت دراما كوريا الجنوبية إلى أمريكا، وكان من الذكاء تقديم مسلسل يرضي كل الأذواق، لذا صنعوا مسلسلا يحمل اسم “حبيبي من الفضاء” الذي حقق نجاحا لافتا، واستقطب فئة الشباب من طلبة المدارس والجامعات؛ لأن البطل كاب شابا ويمتلك الوسامة اللافتة.

وتلا ذلك مسلسل “فتيان ما قبل الزهور” والذي أحدث ضجة واسعة في العالم، وفي هذه المرحلة ظهرت قناة “كوريا تي في” ما يعني أن الدراما الكورية باتت أمرا واقعا وتحظى بمتابعة كبيرة.

وبالتوازي مع انتشار الدراما الكورية، ظهرت الفرق الغنائية مثل “بي تي اس” وبات هناك، بحسب الورداني، توظيفا رائعا للأغاني في المسلسلات، وساعد في انتشار هذه الأعمال عدم وجود رقابة على الفن، فلا يوجد مقص الرقيب، لذا تم عرض قضايا مهمة مثل عنف المدرسين ضد الطلاب.

ولفتت الورداني إلى أنه لا يوجد سقف للمبدع في كوريا الجنوبية، فمثلا سبب نجاح فرقة بي تي اس” يرجع إلى أن وزير التعليم ذات مرة وصف الطلاب غير الأوائل بالكلاب، ما دفع الفرقة لتقديم أغنية تحمل اسم “لسنا كلاب” وحققت نجاحا كبيرا.

واختتمت ضحى الورداني حديثها متوقعة استمرار صعود مؤشر الدراما الكورية؛ بسبب حرية الإبداع، وذكاء ووسامة النجوم، وتناول موضوعات محلية وإنسانية رائعة.

من جانبه قال الناقد المصري طارق الشناوي “في رأيي انتعاش الحالة الإبداعية في كوريا الجنوبية يعود للحرية، فلا توجد ممنوعات، فهي دولة ثرية ومع ذلك تجد عملا فنيا يناقش تأثير الفقر على المجتمع”.

وأضاف الشناوي لـ”العين الإخبارية”: “هناك أيضا طفرة في سينما كوريا الجنوبية وأكبر دليل على ذلك أنها تحصد جوائز في مهرجانات مهمة مثل كان وبرلين، ومؤخرا فاز فيلم “طفيلي” بعدد كبير من جوائز الأوسكار، بسبب تناوله قضية شائكة، مع براعة التنفيذ، ومهارة الممثلين”.

في السياق ذاته، أشار الناقد أحمد سعد الدين  إلى أن الدراما الكورية تتميز بتناول موضوعات اجتماعية، مع الدقة الشديدة في الكتابة، وعدم التطويل”.

وأضاف سعد الدين في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن صناع الدراما الكورية نجحوا في نقل ملامح وتفاصيل المجتمع الكوري من خلال المسلسلات التي تحتوي على حدوتة مثيرة، وتكنيك رائع، هذا بالإضافة إلى الاستعانة بنجوم يجمعون ما بين الموهبة والوسامة، وكل هذه العوامل جعلت الدراما الكورية تخرج من النطاق المحلي الضيق إلى العالم الواسع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version